صائمون يقضون نهارهم على الشواطئ

صائمون يقضون نهارهم على الشواطئ

لم تفقد
مختلف شواطئ بجاية مرتاديها بحلول شهر رمضان، إلا أن نسبة روادها تراجعت
كثيرا مقارنة بأيام الإفطار، أين سجلت مصالح الحماية المدنية أرقاما قياسية
بلغت أزيد من 360 ألف مصطاف في اليوم، فيما تدحرج العدد إلى 6 آلاف مصطاف
أول أمس، ما فرض على ذات المصالح
الإبقاء على عناصر الإنقاذ في 35 شاطئا مسموحا للسباحة.
لم يمنع الصيام العديد من المصطافين من قضاء عطلتهم على رمال الشواطئ الذهبية.
ففي الوقت الذي غادرته العائلات في النهار، وجد عنصر الذكور من قلة الزحمة
فرصة للاسترخاء لقضاء يوم كان سيكون شاقا إن التزموا السرير، أو هاموا في
الشوارع، ليجعلوا منها الملاذ الوحيد، منهم من فضل السباحة بحذر، ومنهم من
أخذ مكانا له على الرمال يستمتع بزرقة البحر تحت أشعة الشمس الحارقة.
ويعد شاطئ زيفواط في بجاية أحد الشواطئ المفضلة لدى الشباب الصائم، حيث
يهرع عدد منهم إليه منذ الساعات الأولى لليوم، وبعد قضاء ليلة كاملة من
السهر في المقاهي والأماكن العمومية، يأخذون مكانا فيه للخلود إلى النوم
تحت صخور الطبيعة الساحرة، ليستيقظوا على نسيم البحر وصوت الأمواج
المتضاربة.
وعادة ما ينصب هؤلاء خيمهم أو المظلات الواقية من الشمس في حدود الساعة
منتصف النهار فما فوق، حيث يشرع عدد منهم في السباحة أو الصيد، بينما يفضل
آخرون المكوث على الصخور خشية دخول المياه إلى أفواههم، ليعودوا أدراجهم
إلى منازلهم بساعتين قبل غروب الشمس.
نفس الأجواء يعيشها شاطئ تيشي الذي يعد الأكثـر إقبالا للمصطافين، حسب
المديرية الولائية للحماية المدنية، مع ميزة وحيدة تكمن في أن التردد على
الأخير لا يكون في النهار فحسب، إنما في الليل أيضا، حيث يهرع إليه
المصطافون للهرب من صخب المدينة السياحية بعد الإفطار وسط الجو المنعش،
يلجأ عدد منهم للسباحة دون مخاطرة في ظل غياب أعوان الحماية المدنية، بينما
يتجول البعض الآخر على أطرافه دون مغامرة، يستمتع أثناءها بالمناظر
الخلابة التي تبعثها أنوار مصابيح الضفة المقابلة المتمثلة في ميناء ومدينة
بجاية، إضافة إلى قمة فورايا، التي تبدو، حسب تعبير أحد المصطافين
القادمين من ولاية سطيف والذي قضى ليلته في تيشي، '' كأنها خط ناري يحاصر
مدينة بأكملها، ليقدمها على أنها شمعة حقيقية مثلما أطلق عليها
الفرنسيون''، ما يبرر على حد محدثنا تسميتها بـ''بوجي''، مسترسلا ''إنها
شمعة حقيقية''.
وعن أسباب استقرار الأخير في بجاية مع حلول شهر رمضان، يكشف عبد الغاني أن
قضاء رمضان في شواطئ تيشي كانت أمنيته منذ سنوات ''لما تناقله أصحابي عن
الأجواء السائدة، ليكون الحظ هذه المرة من نصيبي بعدما لم يحالف أفراد
عائلتي في العثور على شقة للكراء قبل الشهر الكريم، ما أجبر الجميع على
الخضوع للأمر الواقع ...'' يضحك، ''نحط الرحال وها نحن اليوم هنا''، وعن
أكثـر ما شد انتباه عائلته، يقول محدثنا، هو إقبال المصطافين على الشواطئ
''أما بالنسبة لي فالأمر لم يكن مفاجئا كوني اطلعت على ذلك من خلال المقاطع
التي صورها أصدقائي، لكن لم أكن أنتظر أن أجواء المرح والابتهاج هنا ستعجب
كل أفراد عائلتي الذين سبح عدد منهم في اليوم الأول من رمضان دون أن يشكو
أحدهم من العطش، عكس ما كنا نتوقعه''.