عندما تفقد احدى قدميك!!!

تصور معي للحظة فقط هذا المشهد :
"استيقظت في الصباح الباكر كعادتك وبدأت تعد عدتك استعدادا لذهاب لعملك ..وها أنت الآن تركب سيارتك وتنطلق باتجاه مكان عملك ..وفجأة وبدون سابق إنذار تعرضت لحادث مؤلم أدى لفقدانك إحدى قدميك ..
حادث غير مجرى حياتك 180 درجة..
حادث أعاقك عن رسم أحلامك وطموحاتك..
وها أنت الآن وبعد أن كنت تصنف في فئة الأصحاء جسديا ..أصبحت الآن تنضم لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.. فأنت الآن بحكم نظرتك لنفسك ونظرة المجتمع لك تصنف في تلك الفئة..
حينها ومن الطبيعي أن يساورك شعور بالإحباط ويبدأ بالسيطرة عليك ..لدرجة تصبح غير قادر فعلا على مقاومة ذلك الإحساس..
ثم ما يلبد ذلك الإحساس يجر معه أحاسيس أخرى..
فتبدأ تشعر بالعجز ..وبأنك مختلف الآخرين..
حينها لا تملك غير حل واحد لتلك المسألة وهو:
أن تدرك أن ما أصابك إنما هو بتقدير الواحد الأحد..
أي أن وراء ما أصابك يوجد خير كبير لا يعلمه إلا الله سبحانه ولا يحتاج منك فقط غير الصبر ومواصلة حياتك بشكل طبيعي حتى تكتشفه..
أيضا لابد أن يكون لديك تقبل للوضع الجديد ومحاولة التعايش معه..بعد ذلك ستجد نفسك أنك استطعت استعادة توازنك وثقتك بنفسك ..حينها ستبدأ مرحلة وضع مخطط جديد لحياتك بحيث يتلائم مع الظروف الجديدة وفي نفس الوقت يكفل لك العيش حياة ناجحة وسعيدة ..
ومع مرور الوقت ستجد نفسك وقد تأقلمت مع الظروف الجديدة..
حينها ستدرك أنك انسان مختلف فعلا عن الآخرين..
فها أنت الآن أصبحت ممن تقوى عزيمتهم حين تتحداهم الظروف..
فيحاولون إخراج الطاقات الكامنة الموجودة بداخلهم لإثبات للآخرين
أن العاجز ليس من لا يستطيع أن يمشي..وليس من لا يستطيع الكلام ..وليس من لا يستطيع الرؤية أو السماع ..
إنما العاجز هو من يسمح لظروف أن تعيقه عن أن يحلم ويحقق أهدافه فيستسلم لها..
العاجز هو من يجعل الغير يتخذ قراراته ويرسم حياته وليس هو..
العاجز هو من يحد تفكيره بأفكار خاطئة يجعلها تسيطر عليه بحيث يصبح عاجز عن رؤية الوجه الحقيقي للأمور وفهمها الفهم الصحيح..

وهذا ما أثبته الكثير ممن يعاني من إعاقة..
أن الإعاقة لم تكن سبب لتوقفه عن العطاء واثبات ذاته.. بل كانت السبب في دفعه لنجاح والتفوق في ميادين عجز عن الوصول إليها من هم في تمام الصحة والعافية..
ما أود الوصول إليه من هذا الكلام بشكل عام هو أنك اذا عجزت عن النجاح في إحدى الميادين (على سبيل المثال في دراستك )فليس ذلك يعني بأنك إنسان فاشل لا نفع منه بل اعتبر ذلك الفشل إشارة لك بأن تحاول البحث في ذاتك عن أمور ستكون هي سلاحك الذي تستطيع بواسطته وبكل تأكيد التفوق وإبراز شخصيتك في ميدان آخر..
لذلك أود أن أوجه دعوة من هنا لكل من أنكر ذاته وحبس قدراته وإمكانياته بداخله ولم يسمح لها بالخروج بسبب استسلامه لحقيقة أنه إنسان لا يملك ما يميزه عن غيره ..
فدع عنك هذا الكلام الذي هو من يعيقك في حقيقة الأمر..
ولا تستسلم لظروف المحيطة بك وإنما اجعلها هي وسيلتك للنجاح..
وابدأ مرحلة استكشاف لذاتك..
حينها ستبدأ طاقاتك تتوهج وترى النور..
وستدرك ان الحياة لا يمكن أن نتذوق حلاوتها مالم تعش وتتذوق مرها..
الآن لابد أن تكون الصورة واضحة لكم بالمعنى الحقيقي الذي قصدت به من وراء عبارتي" عندما تفقد إحدى قدميك فان لديك أخرى يمكنك الاستناد عليها"