مخطئون في النقاش

عند مطالعتي لمختلف وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، تفاجأت مثل غيري لعدم صدور ردود فعل في الوسط الكروي بشأن قرار الفاف اعتماد أسلوب جديد لتوظيف المدربين الذين يرغبون في الإشراف على المنتخبات الوطنية مع تحديد شروط ومعايير لمن يريد أن يعرض خدماته. ربما الأمر جديد بالنسبة إلينا رغم انه معمول به في الكثير من البلدان بما في ذلك بعض الاتحادات الإفريقية، ولكن الغريب في الأمر أن الصحافة لم تثير أي نقاش أو ردود فعل مؤيدة أو معارضة للمبدأ، و لم يتم حتى التطرق إلى الشروط و المعايير التي فرضتها الفاف والتي قد تبدو للكثير تعجيزية ومبالغ فيها . لا أريد في هذا المقام أن أعرض وجهة نظري وموقفي، لأنه لا يهم القارئ بقدر ما يهمه رأي الفنيين والمختصين ولو أن بعض الإعلاميين المتعودين على " التخلاط " فقط لم يطرحوا الموضوع للنقاش لتنوير الرأي العام، و اكتفوا بالإشارة إلى أن المعايير التي وضعتها الفاف تغلق الباب في وجوه اللاعبين القدامى لتدريب المنتخبات الوطنية عوض طرح نقاش حول الأسباب التي أدت بالفاف إلى طرح تلك الشروط والنتائج المرجوة أو التوجه بالنقاش إلى طرح مسألة اكتفاء اللاعبين القدامى برصيدهم التاريخي كلاعبين، دون الالتحاق بالمعاهد ومدارس تكوين المدربين للحصول على الدبلوم الذي يسمح لهم بتدريب نوادي و منتخبات جزائرية وأجنبية مثلما فعل فان باستن ،كلنسمان ، أنشلوتي ، ديشان وغيرهم . أما من جانب المدربين والفنيين فلم أقرأ ولم اسمع عن موقف أو رأي في موضوع المعايير والشروط وكأن الأمر لا يعنيهم و الانطباع الوحيد الذي سمعته كان من طرف أحد الفنيين الجزائريين المحترمين والأكفاء الذي قال بأن الشروط المطروحة لا تسمح لمورينهو تقديم ترشيحه لأنه لا يملك خبرة 10 سنوات المطلوبة، وهو أمر صحيح ، ولكن من حسن حظنا كذلك لأن الفاف لن تقدر على دفع راتب مورينهو المقدر بأكثر من مليارين سنتيم شهريا في الأنتار ، ومقابل ذلك هناك الكثير من المدربين الجزائريين والأجانب من يملكون المؤهلات والشروط المطلوبة لكنهم مرتبطون وملتزمون مع نوادي و منتخبات أخرى . أما رئيس الفاف عندما سألناه عن الموضوع قال بأنه لم يبدع شيئا من وحي الخيال، و بأن الشروط المطلوبة تستند إلى قوانين الجمهورية المتعلقة بمهنة التدريب على غرار قانون التربية البدنية والرياضة الصادر سنة 2004 والمرسوم التنفيذي المتعلق بصفة المدرب ، بالإضافة إلى قانون توظيف الأجانب في الجزائر. الفاف حسب روراوة لا تريد فقط توظيف مدربين من المستوى العالي بقدر ما تريد أن ترفع المستوى وتفرض على المدربين الجزائريين واللاعبين القدامى التوجه نحو معاهد التكوين و مدارس إعادة التأهيل للحصول على الدبلوم قبل البحث عن شرف قيادة المنتخبات الجزائرية لاحقا، أما عن معشر الصحفيين فلا يجب أن يخطئوا في النقاش.