في الصين القديمة ,
كان
أمير منطقة تينغ زدا
على وشك أن يتوّج ملكًا ,
ولكن كان عليه أن
يتزوج أولاً ,
بحسب القانون.
وبما أن الأمر يتعلق باختيار إمبراطورة
مقبلة ,
كان على الأمير أن يجد فتاةً يستطيع أن يمنحها ثقته العمياء.
وتبعًا
لنصيحة أحد الحكماء قرّر أن يدعو بنات المنطقة جميعًا لكي يجد
الأجدر
بينهن.
عندما سمعت امرأة عجوز ,
وهي خادمة في القصر لعدة سنوات ,
بهذه
الاستعدادات للجلسة ,
شعرت بحزن جامح لأن ابنتها تكنّ حبًا دفينًا
للأمير.
وعندما عادت إلى بيتها حكت الأمر لابنتها ,
تفاجأت بأن
ابنتها تنوي أن تتقدّم للمسابقة هي أيضًا.
لف اليأس المرأة وقالت :
((
وماذا ستفعلين هناك يا ابنتي ؟
وحدهنّ سيتقدّمن أجمل الفتيات
وأغناهنّ.
اطردي هذه الفكرة السخيفة من رأسك!
أعرف تمامًا أنكِ
تتألمين ,
ولكن لا تحوّلي الألم إلى جنون! ))
أجابتها الفتاة :
((
يا أمي العزيزة ,
أنا لا أتألم ,
وما أزال أقلّ جنونًا ؛
أنا
أعرف تمامًا أني لن أُختار,
ولكنها فرصتي في أن أجد نفسي لبضع لحظات إلى
جانب الأمير ,
فهذا يسعدني -
حتى لو أني أعرف أن هذا ليس قدري-))
في
المساء ,
عندما وصلت الفتاة ,
كانت أجمل الفتيات قد وصلن إلى القصر
,
وهن يرتدين أجمل الملابس وأروع الحليّ ,
وهن مستعدات للتنافس
بشتّى الوسائل
من أجل الفرصة التي سنحت لهن.
محاطًا بحاشيته ,
أعلن
الأمير بدء المنافسة وقال :
(( سوف أعطي كل واحدة منكن بذرةً ,
ومن
تأتيني بعد ستة أشهر حاملةً أجمل زهرة ,
ستكون إمبراطورة الصين
المقبلة )).
حملت الفتاة بذرتها وزرعتها في أصيص من الفخار ,
وبما
أنها لم تكن ماهرة جدًا في فن الزراعة ,
اعتنت بالتربة بكثير من الأناة
والنعومة –
لأنها كانت تعتقد أن الأزهار إذا كبرت بقدر حبها للأمير ,
فلا
يجب أن تقلق من النتيجة- .
مرّت ثلاثة أشهر ,
ولم ينمُ شيء.
جرّبت
الفتاة شتّى الوسائل ,
وسألت المزارعين والفلاحين
فعلّموها طرقًا
مختلفة جدًا ,
ولكن لم تحصل على أية نتيجة.
يومًا بعد يوم أخذ
حلمها يتلاشى ،
رغم أن حبّها ظل متأججًا.
مضت الأشهر الستة ,
ولم
يظهر شيءٌ في أصيصها.
ورغم أنها كانت تعلم أنها لا تملك شيئًا تقدّمه
للأمير ,
فقد كانت واعيةً تمامًا لجهودها المبذولة ولإخلاصها طوال هذه
المدّة ,
وأعلنت لأمها أنها ستتقدم إلى البلاط في الموعد والساعة
المحدَّدين.
كانت تعلم في قرارة نفسها أن هذه فرصتها الأخيرة لرؤية
حبيبها ,
وهي لا تنوي أن تفوتها من أجل أي شيء في العالم.
حلّ يوم
الجلسة الجديدة ,
وتقدّمت الفتاة مع أصيصها الخالي من أي نبتة ,
ورأ
ت أن الأخريات جميعًا حصلن على نتائج جيدة؛
وكانت أزهار كل واحدة منهن
أجمل من الأخرى ,
وهي من جميع الأشكال والألوان.
أخيرًا أتت اللحظة
المنتظرة.
دخل الأمير
ونظر إلى كلٍ من المتنافسات بكثير من
الاهتمام والانتباه.
وبعد أن مرّ أمام الجميع,
أعلن قراره ,
وأشار
إلى ابنة خادمته على أنها الإمبراطورة الجديدة.
احتجّت الفتيات جميعًا
قائلات
إنه اختار تلك التي لم تزرع شيئًا.
عند ذلك فسّر الأمير سبب
هذا التحدي قائلاً :
(( هي وحدها التي
زرعت الزهرة تلك التي
تجعلها جديرة
بأن تصبح إمبراطورة ؛
زهرة الشرف.
فكل البذور
التي أعطيتكنّ إياها كانت عقيمة ,
ولا يمكنها أن تنمو بأية طريقة )).
الصدق
من أجمل
وأرقى الحلي
التي تزين المرأة الفاضلة
وتــجعلها
ملــكة متوجه على
عرش الاحترام والتقدير